كنت آخر من يدري..."
أنا مو ملاك…
بس والله كنت زوجة صادقة، ما قصرت معاه بشي.
كنت أظنه كل دنيتي، أبو عيالي، سندي…
بس طلع قلبي مو على قلبي، وضميره ما كان صاحي.
مرت شهور وأنا أحس بشي غريب،
عيونه ما تشبه عيون أول،
كلامه بارد، جلسته معاي محسوبه،
ولما أنام، يظل سهران عالتلفون،
يضحك ضحكة ما قد سمعتها من زمان.
كنت أدري، بس ما أبي أصدق…
لأن أقسى خيانة، مو خيانة الجسد،
خيانة المشاعر… لما يعطي غيري اهتمامه،
وأنا على نياتـي أقدّم له روحي بعلبة مخمل.
اكتشفت كل شي.
صدفة، ما كنت أدوّر، بس ربي أراد.
رسائل، صور، صوتها، سوالفهم…
ما خليت مجال للشك، خيانته كانت واضحه كالشمس.
واجهته،
وانهار… ما دافع عن نفسه، ما كذب،
قال لي: "صح… خنتك."
واللي صدمني أكثر… إنه قالها ببرود.
كنت بأخذ عيالي وأمشي،
بس شي بداخلي قالي: لا تتسرعين.
راقبت، تابعت، جلست أفكر…
هل أستاهل أكمل معاه؟
هل هو ندمان… ولا بس خايف يخسرني؟
بعد كم أسبوع…
صار يتغير، بس مو ذاك التغيير اللي نعرفه من خوف أو ندم،
صار ساكت كثير، يدخل غرفته يقعد بروحه،
يبطل المصحف، ويسمع قرآن،
وصار يشوف عياله كأنه يشوفهم أول مره،
وكأن كل لحظة معاهم كنز.
سألته، قلت له:
"شنو اللي خلاك تتوب؟ مو أنا اللي خذيت قلبك،
مو دموعي، ولا حتى خوفك تخسرنا؟"
ضحك، ضحكة فيها وجع، وقال:
"ولا شي من هذا…
كنت أسوق، وسمعت بنتي الصغيرة تقول لأخوها:
(بابا يحبنا؟ لأنه دايم مو معانا.)
الكلمة ذبحتني…
أنا اللي خايف عالدنيا، نسيت أصنع أمان لعيالي،
نسيت شلون أكون أب، وزوج، ورجل فعلاً."
أنا وقتها بكيت…
مو عليه، بس على سنين عمري اللي راحت،
على قلبي اللي تحمل،
على حالي اللي انكسر، وانجبر بروحي بروحي.
من ذاك اليوم، تغير…
ما عاد ينام إلا وإيده ماسكه إيدي،
ما عاد يطلع إلا لما ياخذ رأيي،
ما عاد يضحك إلا وإحنا السبب.
أنا سامحته؟
ما أدري… يمكن،
بس قلبي للحين يعورني،
بس لما أشوفه مع عياله، وأشوف التغيير الحقيقي،
أقول: يمكن ربي عطاه فرصة ثانية… وأنا بعد.
والسبب؟
مو تهديد، ولا فضيحة، ولا فضيحة…
بس جملة بريئة من بنت صغيرة…
(بابا يحبنا؟)
ما أقدر أكذب عليكم…
تغيره كان واضح، وفعلاً قلبه رجع ينبض بالحياة،
بس قلبي؟ لا والله، ما كان سهل يرجع مثل أول.
كل مرة يضحك معاي، أضحك وأنا داخلي مكسور.
كل مرة يحط راسه على صدري، أحس كأن جرحه للحين ينزف بداخلي.
أنا مو جاحدة… بس الجرح كبير، ومو كل شي يتداوى بكلمة "آسف".
هو الحين يحاول بكل طريقة…
يراسلني فجأة برسائل حب،
ياخذني عالعشا،
يرتب لي سفره،
يمدحني جدام عيالي،
بس والله… بعض الأيام أحس كل شي مصطنع.
مو لأنه يمثل،
بس لأني مو جاهزة أصدق.
أسوأ شي بالحياة، لما تشتاق لأيام ما ترجع.
أشتاق لثقتي فيه،
لراحتي وانا حاطة راسي وأنا متأكدة إنه لي وحدي.
أشتاق لنفسي اللي ما كانت تشك، ما كانت تحلل كل كلمة وكل تصرف.
بس مع كل هذا… ما زلت معاه.
مو مجبورة،
بس اخترت أبقى… يمكن عشان عيالي،
يمكن عشان قلبي اللي للحين فيه ذرة أمل،
يمكن لأن فيه جزء داخلي وده يصدق إن الحب ممكن يرجع.
وأحياناً، لما يطالعني نظره صادقه،
ولما يصلي جنبي ويبكي،
ولما يعتذر من عياله بصوته اللي يرتجف،
أحس إن ربي يمكن عطانا فرصة… عشان نتعلم.
أنا ما نسيت،
بس كل يوم أحاول أغفر شوي،
مو عشانه،
بس عشاني…
عشان أرتاح،
عشان أقدر أحب من جديد،
يمكن مو مثله،
بس أقدر أحب نفسي… أكثر.
أحاول أصدق إني سامحته…
سرد حقيقي بصوت امرأة حاولت تلملم قلبها بعد الخيانة
يقولون إن اللي يسامح قوي…
بس والله، ما أدري إذا أنا فعلاً سامحته،
ولا بس تعبت من الحزن،
تعبت من الدموع اللي ما تنشف،
ومن الأرق اللي ما يرحم.
كل يوم ألبس قناع…
أقنع فيه نفسي قبل لا أقنعه،
إني بخير،
وإن اللي بينا تعدى،
وإننا قادرين نبدأ صفحة جديدة.
بس الحقيقة؟
أنا مو بخير…
أنا أحاول.
كنت أقعد بالليل بعد ما ينام،
أطالع صورنا القديمة،
وأحاول أذكّر نفسي شكثر كنت أحبه،
وأنا اللي كنت أقول "ما راح أتحمل خيانة"،
تحملت.
مو عشانه،
بس عشاني،
وعشان عيالي اللي عيونهم تسألني كل يوم: "ماما، الحين إحنا عايلة سعيدة؟"
مشاعري مو ثابتة…
في يوم أحضنه وأصدق إنه ندم،
وفي يوم ثاني أطالع وجهه وأتخيله وهو يضحك مع غيري،
وأنهار.
صارت توبته عبء ثقيل عليّ،
مو لأنه مو صادق،
بس لأني أنا اللي ما قدرت أرجع مثل أول.
بس تدري شنو اللي ساعدني شوي؟
إني بديت أحب نفسي.
رحت دكتورة نفسية،
بديت أكتب، أفضفض،
بديت أهتم بنفسي مو عشانه… عشاني.
تعلمت إن الغفران مو قرار لحظي،
هو رحلة… كل يوم تختارين تسامحين شوي،
وتتركين الحقد شوي،
وتتذكرين إن قلبج يستاهل الراحة.
هل سامحته؟
إلى حد ما… إيه،
بس الأهم إني بديت أسامح نفسي،
إني رجعت، إني سكّت قلبي، إني صدّقته مره ثانية.
هل راح نكمل مع بعض؟
ما أدري،
بس اليوم… أنا أقوى.
اليوم أنا مو مكسورة، حتى لو موجوعة.
واليوم، إذا مشيت، راح أمشي وأنا رافعة راسي، مو منهزمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق