وأخيرًا... التقيت بنفسي

 أحببت نفسي وتغير كل شيء,احببت نفسي فاجمع الكل على حبي,احببت نفسي فنجوت,

"وأخيرًا... التقيت بنفسي"

كنت أعيش لسنوات طويلة في دوامة لا تنتهي. أركض خلف كل من حولي، أملأ أيامي بمحاولات إرضاء الآخرين، أظن أن الحب يُمنح مقابل العطاء غير المشروط. أعطيت كثيرًا... لكنني لم أجد من يعيد لي نصف ما منحت. نسيت نفسي وسط هذا الزحام، وتجاهلتها حتى كادت تختفي.

كنت أخاف من المستقبل، من المجهول، من اتخاذ قرارات تخصني، حتى نسيت أن لي الحق في أن أختار، أن أقرر، أن أعيش كما أريد.

لكن شيئًا بداخلي استيقظ مؤخرًا، ربما كان صوت قلبي الذي ظل صامتًا لسنين. بدأت أتعرف إلى نفسي، لا كما يراها الآخرون، بل كما هي حقًا. رأيتها تبتسم بخجل، تشتكي من إهمالي، تسألني: "أين كنتِ كل هذا الوقت؟"

أحببتها... نعم، أحببت نفسي لأول مرة، واعتذرت لها. وكم كنت أظلمها! تجاهلتها طويلاً، وكأنها لا تستحق مني اهتمامًا، بينما كانت هي منبع كل شيء جميل.

مع هذا الاعتراف، بدأت أعتني بها. بدأت أُلبّي رغباتها، أسمع لها، أحنّ عليها. شيئًا فشيئًا، لاحظت شيئًا غريبًا... اهتمام الآخرين بي! وكأن العالم كله كان ينتظر مني أن أبدأ بنفسي.

تعلمت معنى الإرادة. لم أعد تلك التي تبدأ نشاطًا وتتوقف سريعًا، بل أصبحت أستمر، لأنني أفهم الآن "لماذا" أفعل، ولمن أفعله... لنفسي.

أصبحت أرى الأمور بوضوح: لا أريد أن أدرس فقط لأن المجتمع يطلب مني ذلك. لا أريد أن أُجبر على طريق لست أنا من اختاره. أريد أن أدرس ما أحب، أن أتقنه، ثم أعمل به. أريد أن أعيش شغفي، لا أن أُدفن تحت سقف التوقعات.

أبحث الآن عن هواياتي، عن مهاراتي المدفونة. أرغب أن أعيش الحرية الحقيقية، أن أكون سيدة قراراتي.

أدركت أخيرًا ما أحتاجه: المال الذي يمنحني الاستقلال، العلم الذي يحررني، الثقافة التي تنير طريقي، الجمال الذي ينعكس من الداخل إلى الخارج، والعلاقات الصحية التي تغذّي روحي.

أحلامي كثيرة... تلحّ عليّ كل يوم. لكنها لم تعد مخيفة كما كانت. أصبحت دافعًا لي كي أرتقي أكثر... لأنني أستحق.


حببت نفسي... فأجمع الكل على حبي

في البداية، كنت أظن أنني إن أحببت نفسي سأبتعد عن الآخرين... أن الأنانية ستتسرب إلى قلبي، وأنني سأبدو مغرورة أو باردة. كأنني رُبيت على أن الحب يجب أن يُعطى فقط للناس، لا لي. لكن شيئًا فشيئًا، بدأت أُدرك أن حب الذات ليس إقصاءً للآخر، بل هو الباب الوحيد لحبٍ سليم، ناضج، متوازن.

حين بدأت أحبني، لم أعد أبحث عن نظرات الإعجاب، أو كلمات التقدير، كأنها هواء أتنفسه. لم أعد أركض خلف العلاقات خوفًا من الوحدة، ولا أُجامل على حساب راحتي. أصبحت أختار، وأتأنى، وأضع حدودًا تحميني ولا تعزلني.

في الماضي، كنت أظن أن اللطف يعني التضحية المطلقة، أن أكون دائمًا المتواجدة، الحاضرة، الحاملة لهموم غيري، حتى وإن اختنقت. واليوم؟ أنا ما زلت لطيفة... لكن مع نفسي أولًا.

ويا للمفارقة... حين بدأت أختار نفسي، لم يبتعد الناس كما كنت أخشى، بل اقتربوا. اقتربوا لأنهم شعروا بالصدق في حضوري. لأني لم أعد أتصنع من أجلهم، بل صرت أنا. بكل بساطة، بكل اتساق.

حتى في نظرات من يعرفونني منذ زمن... رأيت شيئًا جديدًا. احترام. تقدير. دهشة محببة. كأنهم يرونني للمرة الأولى. ربما لأني أنا نفسي لم أكن أراها من قبل.

بدأت أحصل على الحب الذي كنت أتمناه دائمًا، لا لأنني طلبته... بل لأنني بدأت أُشعّه. بدأت أعيش كمن يستحق أن يُحب فعلًا، دون تردد، دون خوف، دون شعور بالنقص.

حب الناس لي لم يكن لأنني تغيّرت بالكامل، بل لأنني توقفت عن التمثيل. لم أعد "أحاول" أن أكون لطيفة أو محبوبة... صرت فقط أكون.

ولم أعد أنتظر الحب من الخارج كشيء موعود به إن أحسنت السلوك. صرت أمنحه لنفسي أولًا... وكل ما جاء بعدها، كان زائدًا جميلاً، لكنه لم يعد ضروريًا لبقائي.

حين أحببت نفسي... أجمع الكل على حبي. لا لأنني صرت مثالية، بل لأنني صرت حقيقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق