هل ممكن وحدة تحبك بجنون وتترك بكل برود!!

زوجتي كانت تحبني والان تكرهني، طلقتها لكن ما قدرت أنساها، 


أنا من الناس اللي ما كنت أؤمن بالحب من أول نظرة، لكن لما شفتها لأول مرة، حسيت بشي داخلي تحرك ما قد حسيت فيه من قبل… شي يقول: هذي هي.

تواصلت معها عن طريق الأهل، وتمت الخطوبة. وكأن قلبي وقتها دخل في دورة حياة جديدة، كل شي كان مختلف، حتى تنفسي، حتى نومي، حتى دعواتي. كنت أحبها حب مو طبيعي، وأحس إنها تبادلني نفس الشعور، أو يمكن حتى أكثر.


لكن ما كان عندي القدرة المادية إني أتزوج بسرعة، فطالت الخطوبة لسنتين. سنتين مليانة انتظار، مليانة مكالمات، مليانة خطط وأحلام. كنا نحلم بكل تفصيلة في بيتنا، من لون الكنبة إلى أسماء عيالنا اللي ما جاو. كنت أعتقد إننا نبني شي متين، أساسه الحب، والصبر، والأمل.


وبعد ما تيسرت أموري، تزوجنا. ودخلنا بيتنا اللي خططناه سوا، بس ما كملت ثلاث أسابيع إلا وأنا أحس بشي متغير. نظراتها، كلامها، لمستها، حتى ضحكتها اللي كنت أعشقها، صارت نادرة، وباردة.


سألتها مرة… بهدوء… قلت لها: وش فيك؟

قالت لي بهدوء أشد: أنا ما أبيك.


الكلمة كانت كأنها طلقة براسي. كنت أتخيل كل السيناريوهات إلا هذا. وش معنى ما تبيني؟ بعد كل هذا؟ بعد الحب اللي كان؟ بعد الصبر والانتظار؟


ما استوعبت، حاولت بكل طاقتي أنقذ الشي اللي بينا، رحت معاها لمشايخ، أخصائية اجتماعية، جلست أراجع تصرفاتي، يمكن غلطت؟ يمكن قصّرت؟ لكن كانت رافضة كل شي، ما تبيني، وبس.


استمريت ثلاث شهور معها، وأنا أعيش كل يوم على أمل يتغير شي، بس ما تغيرت، وكأنها كانت تصير غريبة أكثر كل يوم.


وانتهت القصة بضغط من والدي -الله يرحمه- بالطلاق، وأنا أذوب من جوّا. طلقنا، وطلّعت قلبي معها، وطلّعت جزء كبير من روحي.


تزوجت بعدها، بفتاة محترمة، طيبة، ومن عائلة كريمة، وربي رزقني منها ببنت هي نور عيوني. بس… القلب؟ القلب ما رجع ينبض مثل أول.

أنا مو ظالم زوجتي، أحاول، والله إني أحاول، بس أحس إني صرت نسخة باهتة من نفسي. الرومانسية، الدفء، العاطفة، كلها انطفأت فيني. كأني عرفت الحب مرّة، وبس، وانتهت الحكاية.


اللي يؤلمني أكثر، إني بعد أكثر من سنتين من الطلاق، لا زلت أفكر فيها. مو بس كذكرى، لا… أفكر فيها كشي لا زال حي فيني.

أشوف شي وأتذكرها، أسمع أغنية كانت تحبها وأوقف، ألقى رسالة قديمة منها في جوالي وأرجع أنهار.

وأصعب شعور؟ لما أكون مع زوجتي، وهي تحاول تضحكني، تحاول تقرّب، وأنا أحسني بارد، بعيد، مو قادر أعطيها شي، لأني ما قدرت أرجّع قلبي من هناك.


ما أدري متى بالضبط وقفت أعيش فعليًا… يمكن بعد ما وقّعت ورقة الطلاق؟ يمكن لما رجعت للبيت لحالي؟ يمكن لما شلت عفشها من الغرفة وشميت عطرها آخر مره؟ ما أعرف، بس متأكد إن شي فيني انكسر وما رجع.

مرّت أيام ثقيلة، وكل شي فيها كان صامت بشكل غريب. حتى الجدران اللي كنا نخطط نلونها سوا، حسّيت فيها تعاتبني.
كنت أجلس في البيت، وأقلب الجوال على صور قديمة. أسمع صوتها في التسجيلات، صوت ضحكتها، صوت "اشتقتلك" اللي كانت تقولها وهي تغمز لي.

والأصعب؟ لما كنت أسمع صوتها في بالي، حتى وهي مو موجودة.

أبوي -الله يرحمه- كان يدفعني إن الحياة تمشي، وكان يقول: انسى، تزوج، وافتح صفحة جديدة.
وتزوجت فعلاً. من بنت ناس، طيبة، حنونة، وأهلها محترمين. بس… كنت أعرف من أول يوم إنها دخلت حياة مو فاضية، إنها جاية تعيش في بيت فيه شبح وحدة ثانية.

أول أسبوع بعد الزواج، كنت أحاول أبين إن الأمور تمام. أضحك، أتكلم، أجلس معاها… بس أحس في شي مو طبيعي. فيه فجوة ما تنردم.
كانت تحاول تقرب، تلبس لي، تطبخ لي، تضحك، تبادر، بس ما كنت أعطيها نص اللي كانت تستحقه. مو لأني ما أبي، والله العظيم كنت أبي. بس أحس قلبي ما يسمع، ما يستوعب، كأنه مو هنا.

كنت أقول لنفسي: يمكن مع الوقت، يمكن مع الأيام.
وعدّت الشهور، وربي رزقني ببنت. هذيك البنت الصغيرة اللي دخلت حياتي وحركت شي فيني، مو حب، بس نوع من الأمل… بس حتى وهي بين يديني، كنت أحس فيني نقص.

كل شي حولي يقول لي "أنت بخير"، بس جواي كنت أنزف.
أجلس أحيانًا في السيارة، لحالي، وأتخيل لو إنها رجعت، لو فتحت الباب وقالت لي: أنا ندمت، وودي أرجع.
وأبني حوارات وهمية في بالي، أتصور أشكال اللقاء، والدموع، والاعتذارات، وأحيانًا حتى أتصور إنها بتقول لي: كنت مجبورة، ما كنت أقدر أكمّل، بس قلبي للحين يحبك.

بس الحقيقة؟ إنها راحت. وما التفتت. ولا حتى سألت عني.

أنا أحاول أقنع نفسي إنها كانت مرحلة، إنها ما كانت تبيني من البداية، أو إنها ما لقت فيني الشي اللي كانت تبغاه، بس ما ينفع… لأني أعرف، إني كنت صادق، وأني عطيتها كل قلبي.

يمكن اللي متعلق فيه مو هي، يمكن هو الشعور اللي كنت أعيشه وأنا معها.
الحنين مو لها بس، الحنين لنسخة مني كانت موجودة وأنا معها، نسخة حية، تحب، تحلم، تضحك من قلبها.

اليوم؟
أنا متزوج، وعندي بنت، وأحاول أكون "طبيعي".
بس لما تجي زوجتي تسند راسها على كتفي، ما أحس بشي.
لما تمسك يدي، ما أشعر بدفء.
أحسني ماخذ دور ما لي، أمثّل، وأضحك، وأقول "الحمد لله"، لكن كل ليلة لما أنام، أرجع لنفس السؤال:

كيف تقدر وحده تحبك بهالجنون… وتتركك بهالبرود؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق